الطاقة القمرية المتجددة :
نرى ان الجنس البشرى يسارع نحو تطوير و تطويع مصادر الطاقة و منها المتجددة المتمثلة فى طاقة الشمس و الرياح، فى زمن أصبح فيه مصير البشرية على المحك مع قرب نفاذ المخزون العالمى من الموارد البترولية التى هى مصدره الوحيد للطاقة. إلا أن الإنسان يصبح أكثر إبداعا و إبتكارا فى أوقات الأزمات، ففى الوقت الذى انحصر فيه تركيز جموع العلماء على الطاقة المتجددة شمسية منها و ريحية ، أتى البعض الآخر بحلول مبتكرة لمشكلة الطاقة و تكمن تلك الحلول فى الحصول على الطاقة من "القمر".
إذا تحدثنا عن القمر فلابد من ذكر أن تأثير جاذبيته "طاقة مائية" ، و من الغازات المختزنة في تربته "طاقة إندماجية"، و من موقعه بين الشمس و الأرض "طاقة شمسية "
و اليكم بعض طرق تطويع القمر
الطواحين المائية :
إعتمد البشر لسنوات طويلة على القمر فى إنتاج الكهرباء فهى ليست فكرة مستحدثة، بإستغلال تأثير جاذبية القمر على الأرض و التى تسبب حدوث ظاهرة المد و الجزر
تنتشر السدود على المسطحات المائية حول العالم لتحصر المياه الزائدة فى أوقات المد و تطلق سراحها فى أوقات الجزر فتندفع بقوة لتدير توربينات تحول الطاقة الحركية إلى كهرباء تمد آلاف المنازل و المصانع. لكن ليست تلك هى الطريقة الوحيدة الممكنة للإستفادة من ظاهرة المد و الجزر ، فكما نستفيد من طاقة الرياح و نحولها إلى كهرباء بإستخدام طواحين الرياح ،يمكننا بالمثل الإستفادة من طاقة التيارات المائية لتتحول إلى طاقة كهربائية عن طريق طواحين مائي.
فى قاع البحار و المحيطات تكون المياه فى حالة حركة دائمة متأثرة بسيطرة جاذبية القمر عليها.عندما يسطع القمر على بقعة ما على الأرض فإن منسوب ما تحتويه من مياه يرتفع و هو ما يعرف بالمد ،أما المناطق المجاورة التى لم ترى سطوع القمر بعد لا تتأثر بقوة جذبه فينخفض منسوب المياه لديها و هذا ما يسمى بالجزر.و لكن من أين تأتى المياه التى تسبب إرتفاع المنسوب فى حالة المد و كذلك إلى أين تذهب المياه المنقوصة فى حالة الجزر؟ و الإجابة على هذا السؤال أن المياه يعاد توزيعها بشكل عام فالنقص فى مياه الجزر تخدم الزيادة فى مياه المد ، بحيث أن المياه المنقوصة فى مناطق الجزر تتحرك بتأثير جذب القمر لترفع منسوب المياه فى مناطق المد لذا نجد المياه فى حركة دائمة ذهابا و إيابا بين مد و جزر.
إذن طاقة الحركة تلك قادرة على تدوير شفرة مروحة عملاقة توضع فى قاع البحار و المحيطات ، تتصل تلك المراوح بتوربينات تحول الحركة إلى كهرباء تسرى فى كابلات طويلة وصولا إلى الشاطئ حيث شبكة توزيع الكهرباء.
تتميز الطواحين المائية بعدم حاجتها إلى مساحات من اليابسة أو مزارع واسعة لتُنشئ عليها، بعكس طواحين الرياح و هى أحد الأمور الموضوعة على طاولة النقاشات بشأن الطاقة فقد أصبحت المساحة المتاحة قضية محل إهتمام ، مع تزايد عدد سكان الأرض بشكل متطرد و بلوغ تعدادهم 7 مليارات نسمة فى عام 2011. و نطمئن القلقين بشأن الحياة البحرية بأنه لا تأثير لتلك الشفرات العملاقة عليها فسرعة دورانها بطيئة نحو 20 دورة فى الدقيقة لتسمح بمرور الأسماك و الكائنات البحرية من خلالها فلا تشكل خطرا على حياتها.
الطاقة الإندماجية القمرية:
و من جاذبية القمر إلى تربته التى تزخر بملايين الأطنان من غاز "هيليوم-3 "، و بالرغم من عدم وجوده فى الطبيعة على الأرض إلا أنه مطمع للبشر، فهو الوقود المنتظر للتفاعلات الإندماجية. تلك التفاعلات مثيلة لما تحدث فى قلب الشمس و تولد الطاقة و الحرارة التى تصلنا هنا على كوكب الأرض، تحدث نتيجة "إندماج" أو إلتحام ذرتين أو أكثر لتصبح ذرة واحدة و يصاحب هذه العملية إنطلاق طاقة هائلة . تُعد تلك هى الطاقة المستقبلية التى يطمح العلماء فى التوصل إلى وسيلة لإنتاجها على كوكب الأرض لتكون بديلا للبترول و النفط، و هذه الوسيلة المرتقبة بالطبع هى مفاعل نووى "إندماجى" يتحكم فى تلك التفاعلات و ينظمها ثم يحول الطاقة الناتجة عنها إلى كهرباء تشبع حاجات البشر. تقنيات المفاعلات الإندماجية ما زالت قيد البحث و التطوير و من المتوقع أن تكون جاهزة للإستخدام التجارى فى غضون 20 سنة. فى هذه الأثناء لابد من البدأ فى عمليات البحث و التنقيب عن الوقود المحفز لتلك التفاعلات الإندماجية "هيليوم-3"....من تربة القمر.
تتميز الطاقة الناتجة عن المفاعلات الإندماجية القائمة على هيليوم-3 أنها نظيفة و صديقة للبيئة و ذلك لأنها تكون مشعة بقدر ضئيل جدا، بعكس المفاعلات النووية التقليدية التى تقوم على التفاعلات الإنشطارية و فيها تنشطر الذرة إلى أجزاء أصغر منها و يصاحب الإنشطار طاقة كبيرة تستغل فى إنتاج الكهرباء ،لأن الوقود المحفز فى المفاعلات الإنشطارية هو عنصر اليورانيوم المشع المتواجد فى الطبيعة على الأرض بعكس هيليوم-3 إلا أن تسربه يؤدى إلى كارثة محققة مثل تشيرنوبل تهدد بفناء البشر و الكائنات الحية على حد سواء.
هذا التخطيط الكامل للتنقيب عن و إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر، كان جزءا من مهمة "مشروع العودة إلى القمر" الذى أسسه الرئيس الأمريكى جورش بوش عام 2004 و ألغاه الرئيس أوباما عام 2009 و الذى كان من المخطط له ببناء قاعدة قمرية أمريكية بحلول عام 2024 تبدأ فى تنفيذ مشروعات ناسا على القمر و من ضمنها مشروع التنقيب عن هيليوم-3 فهل تتبنى وكالة فضاء أخرى المشروع أم يذهب أدراج الريح؟
حزام الطاقة:
بعد كارثة مفاعلات فوكوشيما اليابانية أعادت الكثير من الدول التفكير بشأن مصادر طاقتها، لتتجنب أى مخاطر مستقبلية تتبع الخيار النووى. و عليه كشفت شركة شيميزو اليابانية عن فكرة لتحويل القمر إلى محطة ضخمة لتوليد الطاقة ثم تعيد بثها إلى الأرض.كانت هذه الفكرة احدى مخططات ناسا للعودة إلى القمر إلا أنها توقفت أيضا بسبب إيقاف المشروع ككل كما ذكرنا سلفا، إلى أن جاءت شركة "شيميزو" لتعيد إحياء الفكرة مرة أخرى.
يتميز القمر بموقع إستراتيجى بين الأرض و الشمس فكما تتمتع الأرض بضوء الشمس ، ينال القمر أيضا قسطا وافر منه كافي لجعله مضيئا و تقدر كمية الطاقة التى تصله من الشمس بنحو 13000 تريليون وات تكفى نسبة واحد بالمئة منها لسد حاجة الأرض من الطاقة.
تسعى شيميزو إلى تنفيذ هذا المشروع الضخم تحت إسم حلقة لونا و هي حزام من الخلايا. الشمسية يغطى محيط القمر بالكامل من عند خط الإستواء يقدر بـ 6800 ميل طولا و 12 ميل عرضا حيث يتعرض خط الإستواء إلى كم ثابت و دائم من الضوء. تقوم الخلايا على الجانب المواجهه للشمس بتحويل الأشعة الضوئية إلى كهرباء تسرى فى كابلات طويلة حتى تصل إلى محطات الإرسال على الجانب الآخر المواجهه لكوكب للأرض. تعمل محطات الإرسال على تحويل الكهرباء إلى موجات ميكروية و أشعة ليزرية ثم تبثها إلى محطات الإستقبال على الأرض، و ما أن تتحول الموجات و الليزر إلى كهرباء مرة أخرى فإنها تتوزع حول العالم لتغذى حاجات البشر جميعا بشكل متساوى و عادل.
يتميز "حزام لونا" بالكفاءة العالية فى الإستفادة الكاملة من ضوء الشمس تصل إلى 10 أضعاف كفاءة المزارع الشمسية على الأرض ، فلا وجود لغلاف جوى يحيط بالقمر و بالتبعية لا سحب أو مناخ سيئ يمكن أن يؤثر على كفاءة وصول ضوء الشمس إليه. أيضا تدفق الطاقة من القمر إلى الأرض لا يتوقف 24 ساعة فى اليوم و 7 أيام فى الأسبوع، فى كل الأوقات يتعرض جزء منه للشمس بعكس المزارع الشمسية التقليدية التى تعمل نهارا بحسب الحالة الجوية و لا تعمل ليلا بالطبع.
تمتلك شيميزو رؤية كاملة لبناء حزام لونا من موارد القمر، بالنظر إلى تكلفة بناءه على الأرض و إرساله إلى القمر ثم مهمة تركيبه و تجهيزه ،تجعل الفكرة غير مقبولة. إلا أن شيميزو تنوى إستغلال موارد القمر مع بعض المساعدات البسيطة من الأرض و الأهم من ذلك هو الإعتماد بشكل شبه كامل على الروبوتات لبناء الحزام و التى يتم التحكم فيها عن بعد من كوكب الأرض.
عن المياه اللازمة للبناء فمن تربة القمر مع إضافة الهيدروجين المنقول من الأرض يمكن الحصول عليها . و الإسمنت أيضا يستخرج من التربة و بخلطه مع الحصى و التربة القمرية مرة أخرى نحصل على المواد الخرسانية للبناء. أما القرميد و الألياف الضوئية و المواد اللازمة الأخرى يمكن الحصول عليها بالمعالجة بحرارة الشمس. الخلايا الشمسية نفسها تصنع من السيليكون الذى يتوفر بنسبة 23 بالمئة من التربة و بذلك يتم توفير تكاليف وقود الصواريخ اللازم لنقل الخلايا و كذلك كلفة تصنيعها من موارد أرضية.سوف تبث حلقة لونا 220 تريليون وات من الطاقة ، و بينما يفقد جزء كبير منها فى الفضاء، يصلنا على الأرض 8.8 تريليون وات سنويا.
طبقا للجدول الزمنى الموضوع لتجهيز ذلك المشروع الطموح، من المتوقع البدأ فى تنفيذه فعليا عام 2035.
القمر هو التابع الطبيعى للأرض و يعتقد أنه كان فى يوم ما جزءا لا يتجزأ منها ،لذا فإن إستغلاله لخدمة بنى آدم و ضمان إستمرار بقاءهم هو أمر ضرورى ، و بخاصة لإمتلاكه المقومات اللازمة لحل مشكلة عويصة تنتظرنا عاجلا أم آجلا.
نرى ان الجنس البشرى يسارع نحو تطوير و تطويع مصادر الطاقة و منها المتجددة المتمثلة فى طاقة الشمس و الرياح، فى زمن أصبح فيه مصير البشرية على المحك مع قرب نفاذ المخزون العالمى من الموارد البترولية التى هى مصدره الوحيد للطاقة. إلا أن الإنسان يصبح أكثر إبداعا و إبتكارا فى أوقات الأزمات، ففى الوقت الذى انحصر فيه تركيز جموع العلماء على الطاقة المتجددة شمسية منها و ريحية ، أتى البعض الآخر بحلول مبتكرة لمشكلة الطاقة و تكمن تلك الحلول فى الحصول على الطاقة من "القمر".
إذا تحدثنا عن القمر فلابد من ذكر أن تأثير جاذبيته "طاقة مائية" ، و من الغازات المختزنة في تربته "طاقة إندماجية"، و من موقعه بين الشمس و الأرض "طاقة شمسية "
و اليكم بعض طرق تطويع القمر
الطواحين المائية :
إعتمد البشر لسنوات طويلة على القمر فى إنتاج الكهرباء فهى ليست فكرة مستحدثة، بإستغلال تأثير جاذبية القمر على الأرض و التى تسبب حدوث ظاهرة المد و الجزر
تنتشر السدود على المسطحات المائية حول العالم لتحصر المياه الزائدة فى أوقات المد و تطلق سراحها فى أوقات الجزر فتندفع بقوة لتدير توربينات تحول الطاقة الحركية إلى كهرباء تمد آلاف المنازل و المصانع. لكن ليست تلك هى الطريقة الوحيدة الممكنة للإستفادة من ظاهرة المد و الجزر ، فكما نستفيد من طاقة الرياح و نحولها إلى كهرباء بإستخدام طواحين الرياح ،يمكننا بالمثل الإستفادة من طاقة التيارات المائية لتتحول إلى طاقة كهربائية عن طريق طواحين مائي.
فى قاع البحار و المحيطات تكون المياه فى حالة حركة دائمة متأثرة بسيطرة جاذبية القمر عليها.عندما يسطع القمر على بقعة ما على الأرض فإن منسوب ما تحتويه من مياه يرتفع و هو ما يعرف بالمد ،أما المناطق المجاورة التى لم ترى سطوع القمر بعد لا تتأثر بقوة جذبه فينخفض منسوب المياه لديها و هذا ما يسمى بالجزر.و لكن من أين تأتى المياه التى تسبب إرتفاع المنسوب فى حالة المد و كذلك إلى أين تذهب المياه المنقوصة فى حالة الجزر؟ و الإجابة على هذا السؤال أن المياه يعاد توزيعها بشكل عام فالنقص فى مياه الجزر تخدم الزيادة فى مياه المد ، بحيث أن المياه المنقوصة فى مناطق الجزر تتحرك بتأثير جذب القمر لترفع منسوب المياه فى مناطق المد لذا نجد المياه فى حركة دائمة ذهابا و إيابا بين مد و جزر.
إذن طاقة الحركة تلك قادرة على تدوير شفرة مروحة عملاقة توضع فى قاع البحار و المحيطات ، تتصل تلك المراوح بتوربينات تحول الحركة إلى كهرباء تسرى فى كابلات طويلة وصولا إلى الشاطئ حيث شبكة توزيع الكهرباء.
تتميز الطواحين المائية بعدم حاجتها إلى مساحات من اليابسة أو مزارع واسعة لتُنشئ عليها، بعكس طواحين الرياح و هى أحد الأمور الموضوعة على طاولة النقاشات بشأن الطاقة فقد أصبحت المساحة المتاحة قضية محل إهتمام ، مع تزايد عدد سكان الأرض بشكل متطرد و بلوغ تعدادهم 7 مليارات نسمة فى عام 2011. و نطمئن القلقين بشأن الحياة البحرية بأنه لا تأثير لتلك الشفرات العملاقة عليها فسرعة دورانها بطيئة نحو 20 دورة فى الدقيقة لتسمح بمرور الأسماك و الكائنات البحرية من خلالها فلا تشكل خطرا على حياتها.
الطاقة الإندماجية القمرية:
و من جاذبية القمر إلى تربته التى تزخر بملايين الأطنان من غاز "هيليوم-3 "، و بالرغم من عدم وجوده فى الطبيعة على الأرض إلا أنه مطمع للبشر، فهو الوقود المنتظر للتفاعلات الإندماجية. تلك التفاعلات مثيلة لما تحدث فى قلب الشمس و تولد الطاقة و الحرارة التى تصلنا هنا على كوكب الأرض، تحدث نتيجة "إندماج" أو إلتحام ذرتين أو أكثر لتصبح ذرة واحدة و يصاحب هذه العملية إنطلاق طاقة هائلة . تُعد تلك هى الطاقة المستقبلية التى يطمح العلماء فى التوصل إلى وسيلة لإنتاجها على كوكب الأرض لتكون بديلا للبترول و النفط، و هذه الوسيلة المرتقبة بالطبع هى مفاعل نووى "إندماجى" يتحكم فى تلك التفاعلات و ينظمها ثم يحول الطاقة الناتجة عنها إلى كهرباء تشبع حاجات البشر. تقنيات المفاعلات الإندماجية ما زالت قيد البحث و التطوير و من المتوقع أن تكون جاهزة للإستخدام التجارى فى غضون 20 سنة. فى هذه الأثناء لابد من البدأ فى عمليات البحث و التنقيب عن الوقود المحفز لتلك التفاعلات الإندماجية "هيليوم-3"....من تربة القمر.
تتميز الطاقة الناتجة عن المفاعلات الإندماجية القائمة على هيليوم-3 أنها نظيفة و صديقة للبيئة و ذلك لأنها تكون مشعة بقدر ضئيل جدا، بعكس المفاعلات النووية التقليدية التى تقوم على التفاعلات الإنشطارية و فيها تنشطر الذرة إلى أجزاء أصغر منها و يصاحب الإنشطار طاقة كبيرة تستغل فى إنتاج الكهرباء ،لأن الوقود المحفز فى المفاعلات الإنشطارية هو عنصر اليورانيوم المشع المتواجد فى الطبيعة على الأرض بعكس هيليوم-3 إلا أن تسربه يؤدى إلى كارثة محققة مثل تشيرنوبل تهدد بفناء البشر و الكائنات الحية على حد سواء.
هذا التخطيط الكامل للتنقيب عن و إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر، كان جزءا من مهمة "مشروع العودة إلى القمر" الذى أسسه الرئيس الأمريكى جورش بوش عام 2004 و ألغاه الرئيس أوباما عام 2009 و الذى كان من المخطط له ببناء قاعدة قمرية أمريكية بحلول عام 2024 تبدأ فى تنفيذ مشروعات ناسا على القمر و من ضمنها مشروع التنقيب عن هيليوم-3 فهل تتبنى وكالة فضاء أخرى المشروع أم يذهب أدراج الريح؟
حزام الطاقة:
بعد كارثة مفاعلات فوكوشيما اليابانية أعادت الكثير من الدول التفكير بشأن مصادر طاقتها، لتتجنب أى مخاطر مستقبلية تتبع الخيار النووى. و عليه كشفت شركة شيميزو اليابانية عن فكرة لتحويل القمر إلى محطة ضخمة لتوليد الطاقة ثم تعيد بثها إلى الأرض.كانت هذه الفكرة احدى مخططات ناسا للعودة إلى القمر إلا أنها توقفت أيضا بسبب إيقاف المشروع ككل كما ذكرنا سلفا، إلى أن جاءت شركة "شيميزو" لتعيد إحياء الفكرة مرة أخرى.
يتميز القمر بموقع إستراتيجى بين الأرض و الشمس فكما تتمتع الأرض بضوء الشمس ، ينال القمر أيضا قسطا وافر منه كافي لجعله مضيئا و تقدر كمية الطاقة التى تصله من الشمس بنحو 13000 تريليون وات تكفى نسبة واحد بالمئة منها لسد حاجة الأرض من الطاقة.
تسعى شيميزو إلى تنفيذ هذا المشروع الضخم تحت إسم حلقة لونا و هي حزام من الخلايا. الشمسية يغطى محيط القمر بالكامل من عند خط الإستواء يقدر بـ 6800 ميل طولا و 12 ميل عرضا حيث يتعرض خط الإستواء إلى كم ثابت و دائم من الضوء. تقوم الخلايا على الجانب المواجهه للشمس بتحويل الأشعة الضوئية إلى كهرباء تسرى فى كابلات طويلة حتى تصل إلى محطات الإرسال على الجانب الآخر المواجهه لكوكب للأرض. تعمل محطات الإرسال على تحويل الكهرباء إلى موجات ميكروية و أشعة ليزرية ثم تبثها إلى محطات الإستقبال على الأرض، و ما أن تتحول الموجات و الليزر إلى كهرباء مرة أخرى فإنها تتوزع حول العالم لتغذى حاجات البشر جميعا بشكل متساوى و عادل.
يتميز "حزام لونا" بالكفاءة العالية فى الإستفادة الكاملة من ضوء الشمس تصل إلى 10 أضعاف كفاءة المزارع الشمسية على الأرض ، فلا وجود لغلاف جوى يحيط بالقمر و بالتبعية لا سحب أو مناخ سيئ يمكن أن يؤثر على كفاءة وصول ضوء الشمس إليه. أيضا تدفق الطاقة من القمر إلى الأرض لا يتوقف 24 ساعة فى اليوم و 7 أيام فى الأسبوع، فى كل الأوقات يتعرض جزء منه للشمس بعكس المزارع الشمسية التقليدية التى تعمل نهارا بحسب الحالة الجوية و لا تعمل ليلا بالطبع.
تمتلك شيميزو رؤية كاملة لبناء حزام لونا من موارد القمر، بالنظر إلى تكلفة بناءه على الأرض و إرساله إلى القمر ثم مهمة تركيبه و تجهيزه ،تجعل الفكرة غير مقبولة. إلا أن شيميزو تنوى إستغلال موارد القمر مع بعض المساعدات البسيطة من الأرض و الأهم من ذلك هو الإعتماد بشكل شبه كامل على الروبوتات لبناء الحزام و التى يتم التحكم فيها عن بعد من كوكب الأرض.
عن المياه اللازمة للبناء فمن تربة القمر مع إضافة الهيدروجين المنقول من الأرض يمكن الحصول عليها . و الإسمنت أيضا يستخرج من التربة و بخلطه مع الحصى و التربة القمرية مرة أخرى نحصل على المواد الخرسانية للبناء. أما القرميد و الألياف الضوئية و المواد اللازمة الأخرى يمكن الحصول عليها بالمعالجة بحرارة الشمس. الخلايا الشمسية نفسها تصنع من السيليكون الذى يتوفر بنسبة 23 بالمئة من التربة و بذلك يتم توفير تكاليف وقود الصواريخ اللازم لنقل الخلايا و كذلك كلفة تصنيعها من موارد أرضية.سوف تبث حلقة لونا 220 تريليون وات من الطاقة ، و بينما يفقد جزء كبير منها فى الفضاء، يصلنا على الأرض 8.8 تريليون وات سنويا.
طبقا للجدول الزمنى الموضوع لتجهيز ذلك المشروع الطموح، من المتوقع البدأ فى تنفيذه فعليا عام 2035.
القمر هو التابع الطبيعى للأرض و يعتقد أنه كان فى يوم ما جزءا لا يتجزأ منها ،لذا فإن إستغلاله لخدمة بنى آدم و ضمان إستمرار بقاءهم هو أمر ضرورى ، و بخاصة لإمتلاكه المقومات اللازمة لحل مشكلة عويصة تنتظرنا عاجلا أم آجلا.
0 comments:
إرسال تعليق